خزينة الكرة

ما سر الحضور الكبير للأندية المحلية في إنجلترا؟

تتميز أندية إنجلترا بالحضور الجماهيري المستمر، وهذا لا يقتصر على أندية الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ)، بل ينطبق على الدرجات الدنيا كدوري الدرجة الأولى والثانية والثالثة. فمعظم الأندية في تلك الدرجات تحظى بحضور جماهيري كامل العدد في مدرجات ملاعبها رغم أنها لا تنافس في دوري النجوم والأضواء. فكيف نجحت الأندية بذلك؟

سنحاول هنا أن نتناول معظم الأسباب التي أدت لهذا التميز والنجاح، وسنستعين بتقرير نشرته وكالة رويترز الشهر الماضي.

في البداية، لنتفق أن الأندية الإنجليزية عريقة جداً ولها عمق تاريخي وإرث مجتمعي كبير، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ أن من بين الـ24 نادي المشاركين في دوري الدرجة الأولى (الشامبيونشيب) هناك 15 منها سبق لها المشاركة في المسابقات الأوروبية، بل أن أندية مثل أستون فيلا ونوتنجهام فورست سبق لهم تحقيق البطولات الأوروبية، وهذا يدل على أن الأندية المتواجدة في الدوريات الأقل من البريميرليغ هي أندية لا تقل عن نظيرتها بالبريميرليغ.

في هذا الموسم، نيوكاسل يونايتد يتمتع بمعدل حضور جماهيري يتجاوز 50 ألف مشجع للمباراة الواحدة ليصبح من بين أكثر أندية العالم حضوراً جماهيرياً، رغم تواجده في الدرجة الأولى.

بول باربر مدير رابطة الدوري الإنجليزي (EFL) قال أن الدوريات الدنيا نجحت في استقطاب وجذب شريحة جديدة من الجماهير هم الأطفال ومن هم دون الـ18 سنة، والذين ملأوا المدرجات، ملخصاً أهم أسباب نجاحهم في جذب الجماهير بما يلي:

  • كرة قدم بجودة عالية.
  • لاعبين ممتعين من خارج بريطانيا.
  • تدريب جيد.
  • تطوير المواهب المحلية.
  • ملاعب جديدة.
  • بيئة صديقة للعائلة وآمنة لهم.
  • أرضيات جيدة.
  • ارتباط قوي بالجماهير والمجتمع المحلي.

والنقطة الأخيرة هي مربط الفرس في قراءتنا، فبدون الارتباط القوي بالمجتمع لن تجد الجماهير تحضر في الملعب كل جولة من مباريات فريقها المحلي، بل ستتجه لمتابعة أندية النخبة في البريميرليغ، وبالمناسبة هذا الوضع هو ما عليه الجيل السابق من المشجعين في إنجلترا، فجلهم يشجعون أندية مثل مانشستر يونايتد، ليفربول، ارسنال وغيرهم، ولكن الوضع تغير مع أبنائهم للأسباب التي ذكرناها.

FamilyEFL

وقال بول باربر في حديثه لرويترز أن معظم هذه التحسينات والتطويرات التي طرأت على دوري الدرجة الأولى وما دونه تم تمويلها من حقوق النقل التلفزيوني للبريميرليغ والتي يخصص جزء منها كدعم لأندية الدرجات الأقل.

أما بالنسبة للدور المجتمعي والذي له الدور الأبرز في ارتباط الأجيال المتتابعة من الجماهير بأنديتهم المحلية فيقول عنها رئيس رابطة الدوري الإنجليزي يان ليناغان أنها “تصنع فارقاً هائلاً”، مضيفاً “إذا استثمرت في مساعدة مجتمعك ومنطقتك، فالجماهير ستأتي وتشاهد مباريات الفريق”.

وأضاف ليناغان “الأطفال الذين يشجع آبائهم أندية البريميرليغ مثل ارسنال وليفربول وتشيلسي ومانشستر، اتجهوا الآن لمتابعة أندية مدنهم كنتيجة للعمل الجاد والدؤوب من الأندية لهذه المجتمعات، ولكن ذلك يستغرق وقتاً طويلاً، وأثره يظهر على الجيل التالي، أي بعد دورة من 15 – 20 سنة”.

ومن الأمثلة على هذه الأنشطة المجتمعية التي تقوم بها الأندية هناك الشراكات مع مدارس المدينة أو المنطقة، نادي هودرسفيلد على سبيل المثال لديه شراكات مع 190 مدرسة محلية، ويستغل النادي هذه الشراكات لجذب الأطفال لزيارة النادي وحضور مبارياته. نادي برايتون كذلك لديه شراكات مع 124 مدرسة.

ولكن الشراكات ليست كل شيء، بل هي مجرد البداية، نادي هودرسفيلد يسمح للعامة باستخدام مرافقه ومركز التدريب الخاص به. والعديد من الأندية تطرح تذاكر مبارياتها بأسعار زهيدة جداً للأطفال تصل إلى جنيه إسترليني واحد، لذلك فالأطفال في بداية متابعتهم للكرة سيكون بموسوعهم دفع جنيه لحضور مباراة، على عكس أسعار تذاكر أندية البريميرليغ الغالية والتي لن تصل لهذه الأسعار أبداً.

وللتأكيد أن العمل الذي يستهدف الأطفال ليس عشوائياً، قام نادي هودرسفيلد -الذي استخدمناه كمثال هنا- بإجراء استطلاع قبل عدة سنوات وتوصلوا من خلاله أن الأطفال يحددون الفريق الذي سيقومون بتشجيعه عند سن السابعة. لذا قرر النادي أن يقدم أحد لاعبيه قميص النادي للأطفال في المدارس التي يرتبط النادي بشراكة معها وذلك عند عيد ميلادهم السابع كهدية في عيد ميلادهم السابع. وهو إجراء لا يقتصر على نادي واحد، فعدة أندية في الدرجة الأولى والثانية تقوم بإهداء مشجعيها قمصان بأسمائهم عند عيدهم السابع. مبادرة كهذه تزيد من حب الطفل لفريقه وتجعله مرتبطاً به لينمو معه ولاءه للنادي سنة تلو أخرى.

وكنا في وقت سابق قد نشرنا لكم في خزينة الكرة عن برنامج تلفزيوني أطلقته رابطة الدوري الإنجليزي بالتعاون مع قناة نيكلوديون لزيادة معرفة الأطفال بأنديتهم المحلية وذلك بتواجد شخصيات كرتونية وبأجواء مختلفة تستطيعون العودة له بالضغط هنا.

وأظهرت دراسات أن شراء الأطفال للتذاكر الموسمية لأندية الدرجة الأولى في إنجلترا قد ارتفع بنسبة 37٪ خلال السنوات الـ10 الماضية، وأن 20٪ من حضور مباريات هذه الأندية الآن هم دون الـ16 من العمر. وتقدم رابطة الدوري جوائز سنوية تحت اسم “جوائز الامتياز العائلي” تقدم للأندية التي استطاعت تقديم بيئة رائعة وجذابة للعائلات أثناء حضور المباريات.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*