خزينة الكرة

دويتشه بنك: كورونا ستزيد الفوارق بين الأندية

قال مصرف دويتشه بنك الألماني العريق في تقرير حديث له، أن الفجوة بين الأندية ستتسع بشكل أكبر، وذلك في أعقاب أزمة كورونا على المشهد العالمي لكرة القدم. وهنا، وكما عودناكم في موقعكم “خزينة الكرة”، سننقل لكم أبرز ما جاء في هذا التقرير.

مع توقف منافسات كرة القدم حول العالم بسبب جائحة كورونا، كان السؤالان الأبرز، الأول: هل يجب على الدوريات إنهاء الموسم باستكمال أم بتطبيق آلية أخرى لتحديد ترتيب الفرق؟ والثاني: ما هو الأثر المالي قصير المدى جراء إلغاء المباريات أو لعبها في ملاعب خالية بالإضافة لإعادة التفاوض بشأن الحقوق التجارية وحقوق البث التلفزيوني.

الإجابة على هذه الأسئلة مسألة حرجة لأندية كرة القدم التي تعاني من خسائر كبيرة قد تستمر للموسم القادم وتؤثر على نشاط سوق الانتقالات. ليست كل الأندية لديها ملاك قادرون على تمويل عمليات النادي، ومن المرجح أن يكون هناك اتساع في الفجوة بين الأندية الكبرى والصغرى.

وسلط التقرير الضوء على النمو الكبير الذي شهدته الأندية الكبرى التي أطلق عليها “أندية السوبر”، حيث شهدت السنوات الماضية زيادة في إيراداتها من النقل التلفزيوني والرعايات، إلى جانب ضخ الأموال من المستثمرين الأثرياء الذين دخلوا في سوق كرة القدم. إضافة لذلك، كان لتلك الأندية النصيب الأكبر من الجاذبية العالمية، وبالتالي تزايد إيراداتها ومقدرتها على استقطاب أفضل الأسماء من اللاعبين ذوي الرواتب متسارعة الزيادة.

وتوقع التقرير أن أثر أزمة كوفيد-19 ستشعر بها الأندية الكبرى أولاً. إذ أن إلغاء الدوريات بعد مرور ثلثي المشوار الطبيعي، سيضرب الأندية بعدة طرق هي: 1) فقدان ما تبقى من إيرادات التذاكر والملاعب 2) إعادة مفاوضات ملف النقل التلفزيوني، حتى لو لعبت المباريات في ملاعب خالية خلال الصيف 3) إعادة التفاوض وتقييم عقود الرعاية، خصوصاً إذا ألغيت المباريات.

ولاختبار هذا الملف ونتائجه، قام بنك دويتشه في تقريره بعمل محاكاة لتأثير إنهاء الموسم على أكبر 20 نادياً أوروبياً، وهي الأندية المعرضة لأكبر خسائر مالية، ولديها أكبر فاتورة رواتب وأجور.

وبحسب التقرير الصادر في الأسبوع الماضي، أنه وحتى اللحظة فإن دوريات فرنسا وبلجيكا وهولندا لن تستكمل، فيما لا تزال محادثات الدوري الإنجليزي والإيطالي قائمة بشأن استكماله من عدمها [في حين استكمل الدوري الألماني مبارياته، وأعلن الإسباني عن تاريخ العودة].

ولتنفيذ المحاكاة، قام التقرير بالاعتماد على هذه الافتراضات للموسم الجاري 2019-2020:

  • حقوق النقل: مخاطر بفقدان 10-30٪ من القيمة للموسم الحالي
  • الأنشطة التجارية: مخاطر بفقدان 10-30٪ من القيمة للموسم الحالي
  • التذاكر: فقدان قيمة ما تبقى من مباريات لهذا الموسم بشكل تناسبي

ورغم أنه لا زال من المبكر جداً أن يتم تقييم الأثر الاقتصادي لجائحة كورونا على الموسم الرياضي 2020-2021، حيث لا تزال أندية البريميرليغ على سبيل المثال تدرس خيار إقامة مبارياتها خلف أبواب مغلقة. لذلك قام التقرير بعمل سيناريوهين اثنين: الأول عودة سريعة، والثاني أزمة طويلة الأمد.

في سيناريو العودة السريعة، تم افتراض لعب الموسم بحضور قليل في المدرجات، وعدم وجود تغيير في قيمة عقود حقوق النقل التلفزيوني، فقدان بين 10-30٪ من إيرادات التذاكر مع تخوف الناس من العودة للملاعب، وفقدان ما بين 5-20٪ من قيمة الرعايات، بسبب الركود الاقتصادي وضعف الحضور الجماهيري.

أما بالنسبة لسيناريو الأزمة طويلة الأمد، فتم افتراض لعب الموسم بدون حضور جماهيري، حيث سيكون تأثيره بإعادة التفاوض على حقوق بث المباريات وانخفاضها بنسبة تصل إلى 20٪ بسبب خلوها من الجماهير، إلى جانب فقدان كامل عائدات التذاكر والملاعب، وأخيراً انخفاض مداخيل الشراكات والأنشطة التجارية بين 30-60٪ وتحديداً من رعاية أيام المباريات.

وبناء على تقديرات دويتشه بنك، فإن الأندية الـ20 الكبرى معرضة لفقدان نحو 10٪ من إيراداتها، وقد تكون قادرة على تجاوز الأزمة بمعالجات بسيطة أو قصيرة الأجل، لتغطية الإيرادات المفقودة في موسم 2019-2020. ولكن استمرار الأزمة على عالم الكرة، قد يرفع نسبة الإيرادات المفقودة إلى ثلث إجمالي إيرادات تلك الأندية، ما قد يستدعي اتخاذ إجراءات أكثر قسوة.

وبحكم أن الأندية هي بنهاية المطاف شركات، فإن ملاكها أو مجالس إدارتها سيضطرون لاتخاذ قرارهم حول ما هو الشيء الذي يمكن التخلي عنه لتغطية خسائرهم. وهذا قد يكون إما بتقليل المصاريف وهو ما سيتطلب مفاوضة اللاعبين على تقليل رواتبهم والتعرض لمخاطرة إحباط معنوياتهم أو فقدانهم. أما الخيار الثاني فهو تقليل مصاريف استقطابات اللاعبين، فيما وضع التقرير “زيادة التمويل” كخيار الثالث، وذلك عبر ضخ سيولة من قبل الملاك أو الاقتراض من البنوك أو إصدار سندات. وكان آخر الخيارات المطروحة “بيع الأصول” وهم نجوم الفريق، وهو خيار سيحقق الإيرادات على المدى القصير، ويخفف الرواتب على المدى المتوسط.

اتخاذ أحد أو كل القرارين الأخيرين سيتسبب بزيادة العرض وانخفاض الطلب في سوق الانتقالات، حيث توقع تقرير من “مرصد كرة القدم” أن تنخفض القيمة السوقية الإجمالية لانتقالات اللاعبين بنحو 28٪ من 32.7 مليار يورو إلى 23.4 مليار يورو في الدوريات الخمس الكبرى. ومع استمرار الأزمة، وتوقع الأسوأ، من غير المستبعد أن تنخفض القيمة أكثر وأكثر.

التراجع في سوق الانتقالات سيضرب الأندية الصغيرة بقوة، التي تعتمد على تجهيز نجومها للبيع وتغطية نفقتها من إيرادات سوق الانتقالات. الرسم التالي يستعرض صافي عمليات سوق الانتقالات (= مصاريف الشراء – عوائد البيع) في الموسمين 2018-2019 و 2019-2020 في الدوري الفرنسي والإنجليزي والإسباني. وهو يوضح أن الأندية الكبرى تنفق أكثر مما تجني في سوق الانتقالات، بينما تحظى الأندية الأخرى برصيد متوازن في السوق.

وختم التقرير بالتأكيد أن هذه الأزمة ضربت عالم كرة القدم من أكبر الأندية المحترفة إلى أصغر أندية الهواة، وكل هذه الأندية ستضطر للتعامل مع هذه الظروف وتغطية عجزها، والبعض منها قد يعلن إفلاسه، فيما قد يضطر بعضها الآخر لتغيير الملكية في سبيل النجاة.

هذا سينتج عنه اتساع الفوارق بين الأندية الثرية التي تحظى بدعم ملاك أثرياء أو صناديق استثمارية وسهولة الوصول لأسواق المال، وبين تلك الأندية الأقل ثراء والتي ستتلقى ضربتين: فقدان إيرادات أنشطتها وفقدان إيرادات سوق الانتقالات.

ولم يستبعد التقرير أن تزيد هذه الفجوة من جدية محادثات تشكيل بطولة قارية “سوبر” تجمع نخبة أندية أوروبا فيما بينها، وترك المنافسات المحلية للأندية الأقل قوة. كما سلط الضوء على فرصة فريدة في هذه الأزمة قد تمكن الأندية من اللجوء لتخفيض رواتب النجوم دون الخوف من الوقوع أسرى لهم كما في السابق، حيث لا يتوقع أن تنقض باقي الأندية للظفر بتوقيع اللاعبين أصحاب الرواتب الضخمة كما في السابق. وهذا إن تم، فإنه قد يساعد بتوزيع أكثر مساواة للنجوم بين الأندية، وبالتالي تنافسية أعلى في الدوريات المحلية.

في الختام، ترك التقرير الباب مفتوحاً أمام احتمالات مثل تدخل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) في تحديد سقف لرواتب اللاعبين بدلاً من أنظمة اللعب المالي النظيف المطبقة حالياً. أو تطبيق أنظمة جديدة مثل انتقاء اللاعبين “الدرافت” المطبق في بعض الرياضات في أمريكا. ولمن أراد الاطلاع على التقرير، يمكنكم الضغط هنا للانتقال إليه.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*